مــن يحمــي الأمــن الإجتماعــي والأخلاقــي
د.نسيب حطيط
يغرق اللبنانيون في سجالات المحكمة والسلاح وفي بحر الملفات السياسية وتغيب الملفات الإجتماعية والمعيشية والأخلاقية عن نشاطات المسؤولين والأحزاب والإعلام،ومع تأكيدنا على أولوية الأمن والعيش المشترك والسلم الأهلي العام من الزاويةالأمنية، لكن الجسد اللبناني يتعرض لأمراض وآفات سلوكية تتنامى بسرعة وتهدم البيوت والأسر والمجتمع المدني والأهلي في غياب المعالجة الحقيقية أو الفاعلة والتي تقتصر على جهد بعض الجمعيات وغيرها.
المخدرات والنرجيلة: إن توسع دائرةالإدمان على المخدرات و السجائر او المعسل والتنباك أو حبوب الهلوسة أو الاختراعات البدائية من أدوية السعال أو المسكنات حيث وصلت إلى المجتمعات الموصوفة (محافظة)وإلى القرى وإلى الثانويات والجامعات وأزقة الضواحي وعلى مستوى الجنسين ذكورا وإناثا ،حيث تشير الإحصائيات الى تجاوز نسبة المدخنين ال57% من البالغين ومنهم القاصرين تحت ال15 عاما وبمصروف اجمالي يقارب 600 مليار ليرة سنويا ، بالإضافة لتكاليف مرضى السرطان الناتج عن التدخين ،ولا يكفي هنا إتلاف حقول المخدرات كإجراء سطحي يتبع القمع بعد سنوات من الوعود للزراعات البديلة التي ذهبت أموالها هدرا في جيوب المشرفين عليها ،وليست المعالجة بإلقاء القبض على المدمنين ورمهيم في السجون بل بالتوعية والرعاية وتأمين العمل والعيش الكريم ومنع وصول المواد المخدرة لأيدي المراهقين والإمتناع عن حماية المهربين والمتاجرين.
سياحة النوادي الليلية: يتمتع لبنان بمواقع سياحية وأثرية مهمة واماكن للتنزه والترفيه وكفاءات بشرية وخدماتية تعزز السياحة المتعارف عليها لكن السياحة في لبنان وللأسف تعتمد على سياحة(الجسد)والنوادي الليلية و صار لبنان مثلا في الإنفلات السلوكي وتم تشويه صورة المرأة اللبنانية من متعلمة ومقاومة وأم إلى امرأة جذب ودعاية لتطوير السياحة إ؟
الإحتيال: تعاظمت في لبنان جرائم الإحتيال الفردي والجماعي، مرة بغطاء إجتماعي أو خيري أو ديني أو تجاري والنتيجة سرقة أموال الناس الذين يبحثون إما عن ربح سهل أو عن منزل يأويهم أو تجارة تسد العوز وتذهب ملايين الدولارات مع فرار التجار الكبار الذين يحميهم قانون الإفلاس فيمكثون في السجن بضع سنين ويخرجون لحياتهم الطبيعية أويفرون إلى الخارج حيث تحميهم قوانين عدم تبادل المجرمين ويبقى المساكين الذين ضاعت أموالهم في دوامة الضياع والفقر والعوز.
الوضع المعيشي: إن المواطن اللبناني الذي يتقاضى راتبا يساوي 500.000ألف ليرة(الحد الأدنى للأجور)- بما يساوي منحة البنزين للسائقين العموميين- مضطر للعمل أكثر من وظيفة ودوام في اليوم الواحد لرفع راتبه إلى مليون ليرة أو أكثر ومع ذلك هل يمكن لهذا المواطن تأمين عائلة بالحد الأدنى مهما كان عدد أفرادها مع فواتير الكهرباء والماء والهاتف المدفوعة مرتين ،مرة للدولة ومرة للإشتراك وكذلك المدارس والمستشفيات وصفيحة البنزين أكثر من ثلاثين الف ليرة
هل يمكن لهذا المواطن أن يعتمد على راتبه الجامد منذ سنوات، والأسعار تزايدت بما يوازي 100% الحد الأدنى والأجور ؟
مع كل معرفتنا بالمآزق المالي للدولة وديونها والوقائع المحيطة بنا في العالم العربي و الأوروبي من إفلاس، لكننا نعرف أيضا الهدر والفساد المالي الذي يطبع السلوك العام والتميبز والإستنسابية.فراتب الموظف المجاز في القطاع العام يساوي900دولار،والموظف المجاز في برنامج الUNDP...يساوي2200دولار وما فوق فأي مساواة وعدالة؟.المشاريع التنموية ومناقصاتها وتوزيعها على المناطق ،من يحميها... وهل هناك مناقصات فعلية؟.
عسى أن لا تضيع الحكومة الجديدة في سجال المحكمة والقرار الإتهامي والسجال السياسي، وتنسى الهموم المعيشية والإجتماعية وعسى أن تعود الأحزاب إلى ساحتها الإجتماعية فلا يمكن حماية المقاومة بالسلاح فقط بل ببناء المجتمع المقاوم كما قال الإمام الصدر(أعاده الله) وعماده يتمثل بالمواطن الواعي وغير المدمن وغير السارق ، والذي سيكون محصنا أمام إستدراج العمالة وبيع الوطن، لكن بعض الضعفاء سيبيعون أنفسهم مقابل دولارات معدودة أو سلطة موعودة....ليسقط الوطن!